الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ.
ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا،
مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له،
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ ﷺ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النَّار.
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ}.
أيُّها المسلمون:
إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى أرسلَ محمداً ﷺ على حينِ فترةٍ من الرسل، ودروسٍ من الكتب، وقدِ استوجبَ أهلُ الأرضِ أن يَنْزِلَ بساحتِهم العذاب.
فقد نظرَ الجبَّارُ جلَّ جلالُهُ إليهم، فمَقَتَهُم عربَهم وعجمَهم، إلَّا بقايا من أهلِ الكتاب.
وكان الناسُ كما قال اللهُ عنهم: {فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
البناتُ تُوأَدُ، و الأخواتُ والأمهاتُ تُنكَح.
قد غَشِيَتِ الأرضَ ظُلُماتُها، وصالت جيوشُ الباطلِ في أقطارِها، وعمَّ الشركُ أرجاءَها.
فكان الناسُ أحوجَ إلى دعوتِهِ من غيثِ السماءِ، بل من نورِ الشمسِ والهواءِ، ليعرِفوا معبودَهم بأسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ.
أُرسِلَ عليهِ الصلاةُ والسلام كما أُرسِلَ من قبلَهُ بالتوحيدِ، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}.
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
أيُّها الناس:
أقامَ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلام بمكَّةَ ثلاثَ سنينَ من أوَّلِ نبوَّتِهِ مُستخفياً، ثم أعلنَ في الرابعةِ، فدعا الناسَ إلى الإسلامِ عشرَ سنين، ودعوتُه كلُّها توحيدٌ، جهاراً نهاراً، سِرًّا وإعلاناً، لا يكلُّ ولا يملُّ، يُطارَدُ وحيداً، قد تمالأت عليه العربُ ورمَتْهُ عن قوسٍ واحدةٍ.
قال جابرٌ رضيَ اللهُ عنه:
[ مكثَ رسولُ اللهِ ﷺ بمكَّةَ عشرَ سنينَ يتَّبعُ الناسَ في منازلِهم بعُكاظَ ومَجِنَّة وفي المواسمِ بمِنى، يقول: مَن يُؤويني؟ مَن ينصرني حتى أُبلِّغَ رسالةَ ربِّي؟ ولهُ الجنةُ.
حتى إنَّ الرجلَ ليخرجُ من اليمنِ أو من مُضَرَ فيأتيهِ قومُه فيقولون: احذرْ غلامَ قريشٍ لا يفتِنْك، ويمشي بين رحالِهم وهم يُشيرونَ إليهِ بالأصابع ].
وفي صحيحِ مسلمٍ قال عمرو بن عبسةَ:
[ كنتُ وأنا في الجاهليةِ أظنُّ أنَّ الناسَ على ضلالةٍ، وأنَّهم ليسوا على شيءٍ، وهم يعبدونَ الأوثانَ، فسمعتُ برجلٍ بمكَّةَ يُخبرُ أخباراً، فقعدتُ على راحلتي فقدمتُ عليه، فإذا رسولُ اللهِ ﷺ مُستخفيا، جُرَئَاءُ عليهِ قومُه، فتلطَّفتُ حتى دخلتُ عليهِ بمكَّة، فقلتُ له: ما أنت؟
قال: أنا نبيٌّ.
قلتُ: وما نبيٌّ؟
قال: أرسلني الله.
قلتُ: بأيِّ شيءٍ أرسلك؟
قال: أرسلني بصِلةِ الأرحامِ، وكسرِ الأوثانِ، وأن يُوحَّدَ الله لا يُشركَ به شيءٌ.
قلتُ: فمَن معك على هذا؟
قال: حُرٌّ وعبدٌ، ومعه يومئذٍ أبو بكرٍ وبلالٌ رضيَ اللهُ عنهما وأرضاهما.
قال قلتُ: إنِّي متَّبعُك.
قال: إنَّك لن تستطيعَ ذلك يومكَ هذا، ألا ترى حالي وحالَ الناس؟).
بل في الصحيحين قالت عائشةُ رضيَ اللهُ عنها لرسولِ اللهِ عليه الصلاة والسلام :
(هل أتى عليكَ يومٌ كان أشدَّ من يومِ أُحُدٍ؟).
ويومُ أُحُد، وما أدراكم ما يومُ أُحُد!
سماهُ اللهُ مصيبة، كُسِرت فيه رَباعيَّةُ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلام، وشُجَّ رأسُهُ، وسالَ الدمُ على وجهِه، وأُشيعَ أنَّهُ قُتِل، وقُتِلَ من ساداتِ الصحابةِ أكثرُ من سبعينَ رجلًا، على رأسِهم سيِّدُ الشهداءِ حمزة عمُّ رسولِ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلام.
ومع هذا البلاءِ الشديدِ، تقولُ عائشة:
هل أتى عليكَ يومٌ كان أشدَّ من يومِ أُحُد؟
فيقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام مُبيِّنًا أشدَّ ما مرَّ عليه من يومِ أُحُد: (( لقد لقيتُ من قومِكَ ما لقيت -أي من قريش- وكان أشدُّ ما لقيتُ منهم يومَ العقبة، إذ عرضتُ نفسي على ابنِ عبدِ يَالَيل بنِ عبدِ كِلال، فلم يُجبْني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفقْ إلا وأنا في قرنِ الثعالب)).
هكذا الهمُّ لدعوةِ التوحيد، قَتْلُ الأصحابِ أهونُ على رسولِ اللهِ من رَدِّ التوحيد.
من شِدَّةِ الهمِّ، لم يستفقْ ولم يشعرْ بنفسِه إلَّا وهو في قرنِ الثعالب.
قال: ((فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إنَّ اللهَ قد سمعَ قولَ قومِكَ لك وما ردُّوا عليك، وقد بعثَ اللهُ إليكَ مَلَكَ الجبالِ لتأمرَه بما شئتَ فيهم.
فناداني ملكُ الجبال، فسلَّمَ عليَّ، ثم قال:
قد بعثني ربِّي إليكَ لتأمرَني بأمرِك، فما شئت، إنْ شئتَ أن أُطبِقَ عليهم الأخشبين -وهما الجبلان المحيطان بمكَّة-
ولكن انظروا هَمِّ التوحيدِ في قومٍ يئسَ منهم رسولُ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلام
فقال لهُ رسولُ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلام:
((بل أرجو اللهَ أن يُخرِجَ من أصلابِهم من يعبدُ اللهَ وحده لا يُشركُ به شيئًا))
يرجو توحيدَ مَن سيخرجُ من الأصلاب،
بل كادت نفسُه أن تذهبَ أسفًا على الناسِ ألا يؤمنوا حتى نهاهُ اللهُ شفقةً عليه {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}.
هكذا بدأت دعوةُ نبيِّكم عليهِ الصلاةُ والسلام،
ليس إلا التوحيد دعوةٌ، لو اجتمعَ عليهِ من بأقطارِها ما تركها.
ولذلك، في "السلسلة الصحيحة" أنَّ قريشًا جاءت إلى أبي طالبٍ يشكونَ إليهِ رسولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام وأنَّه قد آذاهم في نواديهم ومسجدهم،
فطلبه أبو طالبٍ، فأخبره بما قال قريش،
فحَلَّقَ رسولُ اللهِ ﷺ ببصرِه إلى السماء، ثم قال:
((ما أنا بأقدرَ على أن أدَعَ لكم ذلك، على أن تُشعلوا لي منها شُعلة)) يعني الشمس.
أيها المسلمون:
هكذا بدأت دعوةُ نبيِّكم عليهِ الصلاةُ والسلام واستمرَّت، فَكَثُرَ الأتباعُ، وَقَيَّضَ اللهُ الأنصارَ، وَازْدَادَتْ قُرَيْشٌ في عُتُوِّها، وَشَمَّروا له وَلأصحابِهِ عن ساقِ العَداوَة.
وَهَانَتْ على بَعْضِ الصَّحابَةِ نُفُوسُهُم في اللهِ عزَّ وجلَّ، وَفُتِنَ البعضُ في دِينِهم من شِدَّةِ البَلاء، فَأَذِنَ اللهُ لهم بالهِجرةِ الأُولَى إلى الحَبَشَة.
ثُمَّ ازْدادَ الإسلامُ فُشُّوًا، فَأَجْمَعَتْ قُرَيْشٌ على مُقَاطَعَةِ بَنِي هاشِم وَبَنِي عبدِ المطلب وَبَنِي عبدِ مناف، وَكَتَبُوا بذلك صَحِيفَة وَعَلَّقُوها في سَقْفِ الكَعْبَة.
فَحُبِسَ رسولُ اللهِ ﷺ وَمَنْ مَعَهُ في شِعْبِ أبي طالب في لَيْلَةِ المُحَرَّم سَنَةَ سَبْعٍ من البِعْثَة، وَبَقَوا هكَذَا مُدَّةَ ثَلاثَ سِنِين حَتَّى بَلَغَهُمُ الجَهْد، وَسُمِعَ بُكَاءُ الصِّبْيَانِ من وَرَاءِ الشِّعْب.
ثُمَّ فَرَّجَ الله، وَأَعْلَى أَمْرَ رَسُولِه، وَأَذِنَ بالهِجْرَةِ إلى المَدِينَة، مُؤْذِنًا بإعْزَازِ دِينِهِ وَنَصْرِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ.
فَخَرَجَ الناسُ أَرْسَالًا، يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمْ يَبْقَ بِمَكَّةَ من المسلمينَ إلا رسولُ اللهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ، أَقَامَا بأَمْرِهِ لهما ﷺ، أَوْ مَنْ احْتَبَسَهُ المشركونَ كُرْهًا.
وَقَدْ أَعَدَّ رسولُ اللهِ ﷺ جَهَازَه، يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ بالخُرُوجِ.
فَلَمَّا رَأَى المشركونَ خُرُوجَ أَصْحَابِ رسولِ اللهِ ﷺ إلى المَدِينَة، وَقَدْ عَرَفُوا أَنَّ الدَّارَ دَارُ مَنَعَة، وَأَنَّ الأنصار أَهْلُ حَلْقَةٍ وَشَوْكَةٍ وَبَأْس، فَخَافُوا خُرُوجَ رسولِ اللهِ ﷺ إِلَيْهِم وَاشْتِدَادَ أَمْرِهِ،
فَأَجْمَعُوا في دارِ النَّدْوَة، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَد، وَحَضَرَهُمْ وَلِيُّهُمْ وَشَيْخُهُمْ إبليس في صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ من أَهْلِ نَجْد.
فَاجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ على قَتْلِ رسولِ اللهِ ﷺ وَتَوْزِيعِ دَمِهِ في القَبَائِلِ، فَنَزَلَ الوَحْيُ من ربِّ العالَمينَ، وَقَطَعَ اللهُ دَابِرَ المشركينَ، وَجَعَلَ من بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا، وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ وَأَغْشَاهُمْ.
وَجَاءَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى أَبِي بَكْرٍ نِصْفَ النَّهَارِ مُتَقَنِّعا في سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ فيها، فَقَالَ: ((إنَّ اللهَ قد أَذِنَ لي في الخُرُوج)) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: الصحبةَ يا رسولَ الله؟ قَالَ: ((نَعَمْ)).
فَخَرَجَا من خَوْخَةٍ في دارِ أبي بكرٍ لَيْلا إلى غَارِ ثَوْر، وَقَدِ اسْتَأْجَرَا عبدَ اللهِ ابن أبي رُقَيطٍ هَادِيًا للطَّرِيق، وَكَانَ على دِينِ قَوْمِه، وَوَاعَدَاهُ بعدَ ثَلاث، وَجَدَّتْ قُرَيْشٌ في طَلَبِهِمَا، وَأَخَذُوا مَعَهُمُ القَافَة حَتَّى انْتَهَوْا إلى بَابِ الغَارِ فَوَقَفُوا عَلَيْه.
وَلَكِنْ مَنْ كَانَ اللهُ مَعَه، مَا ضَرَّهُ اجْتِمَاعُ الثَّقَلَيْنِ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَيْه، {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}.
فِي الصَّحِيحَيْنِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه:
((يا رسولَ الله، لو أنَّ أحدَهم نظرَ إلى تَحْتِ قَدَمَيْهِ لأبْصَرَنَا. فَقَالَ: يا أبا بكرٍ، ما ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟
لَا تَحْزَنْ فَإِنَّ اللهَ مَعَنَا))
فَمَكَثَا في الغَارِ ثَلَاثَ لَيَال، حتّى خَمَدَتْ عَنْهُمَا نَارُ الطَّلَب، فَجَاءَهُمَا ابنُ أُبي رُقَيطٍ، فَارْتَحَلَا، وَسَارَ الدَّلِيلُ أَمَامَهُمَا، وَعَيْنُ اللهِ تَكْلَؤُهُمَا، وَتَأْيِيدُهُ يَصْحَبْهُمَا، وَإِسْعَادُهُ يُنْزِلُهُمَا وَيُرْحِلهُمَا.
وَلَمَّا يَئِسَ المشركونَ من الظَّفَرِ بِهِمَا، جَعَلُوا لِمَنْ جَاءَ بِهِمَا مِئَةَ نَاقَة عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَاللهُ غَالِبٌ على أَمْرِهِ.
فَتَبِعَهُمَا سُرَاقَةُ بنُ مَالِك حِينَ مَرُّوا بِحَيِّه، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُمَا وَسَمِعَ قِرَاءَةَ رسولِ اللهِ ﷺ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الالتِفَات خَوْفًا على رسولِ اللهِ ﷺ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ وَاثِقٌ بِرَبِّهِ لَا يَلْتَفِت.
فَقَالَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: يا رسولَ الله، هذا سُرَاقَةُ بنُ مَالِك قد رَهَقَنَا، فَدَعَا عليه رسولُ اللهِ ﷺ، فَصاخَتْ يَدَا فَرَسِهِ في الأَرْضِ، وَخَرَّ عَنْهَا، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا، فَطَلَبَ الأَمَانَ مِنْهُمَا على أَنْ يَرُدَّ النَّاسَ عَنْهُمَا، فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَيْهِمَا، وَآخِرَهُ حَارِسًا لَهُمَا.
وَبَلَغَ الأَنْصَار مَخْرَجَ رسولِ اللهِ ﷺ من مَكَّة، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ كُلَّ يَوْمٍ إلى الحَرَّة يَنْتَظِرُونَهُ أَوَّلَ النَّهَار، فَإِذَا اشْتَدَّ حَرُّ الشَّمْسِ رَجَعُوا إلى مَنَازِلِهِم.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْن الثَّانِي عَشَر مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّل، على رَأْسِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً من النُّبُوَّةِ، خَرَجُوا على عَادَتِهِم، فَلَمَّا حَمِيَ حَرُّ الشَّمْسِ رَجَعُوا، وَصَعَدَ رَجُلٌ منَ الْيَهُودِ على أُطُمٍ من آطَامِ المَدِينَة لِبَعْضِ شَأْنِه، فَرَأَى رسولَ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابَه يَزُولُ بِهِمُ السَّرَاب، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِه: «يَا بَنِي قَيْلَة» – يَعْنِي الأَنْصَار – «هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ جَاء، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَه»، أَيْ حَظُّكُمْ وَشَرَفُكُمْ.
فَبَادَرَ الأَنْصَارُ إلى السِّلَاحِ لِيَتَلَقَّوْا رسولَ اللهِ ﷺ به تَعْظِيمًا لَه، وَسُمِعَتِ الرَّجَّةُ وَالتَّكْبِيرُ في بَنِي عَمْرِ بنِ عَوْف، وَكَبَّرَ المسلمونَ فَرَحًا بِقُدُومِهِ ﷺ.
قَالَ البَرَاءُ: [ فَمَا رَأَيْتُ النَّاسَ فَرِحُوا بِشَيْءٍ كَفَرَحِهِمْ بِهِ ﷺ، حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالإِمَاءَ يَقُولُونَ: هَذَا رسولُ اللهِ قَدْ جَاء ]، وَالْحَدِيثُ في «البخاري».
وَقَالَ أَنَس: [ فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ، وَيَقُولُون: جَاءَ نَبِيُّ اللهِ، جَاءَ نَبِيُّ الله ].
وَبَقِيَ رسولُ اللهِ ﷺ في المَدِينَةِ عَشْرَ سِنِين دَاعِيًا مُجَاهِدًا، حَتَّى أَتَمَّ اللهُ عَلَيْهِ النِّعْمَة، وَأَكْمَلَ لَهُ الدِّين، ثُمَّ قَبَضَهُ إلى الرَّفِيقِ الأَعْلَى، وَقَدْ أَظْهَرَهُ على الدِّينِ كُلِّه، وَأَنْجَزَ وَعْدَه، وَنَصَرَ عَبْدَه،
وَجَعَلَ الظُّهُورَ وَالْعِزَّةَ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِدِينِه، وَاهْتَدَى بِهَدْيِه، وَجَعَلَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ على مَنْ خَالَفَ أَمْرَه،
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
فَالْبَذْلَ البَذْلَ – أَيُّهَا النَّاس – وَالتَّمَسُّكَ التَّمَسُّك، وَالتَّوْحِيدَ التَّوْحِيد، وَالسُّنَّةَ السُّنَّة
بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاء، هَكَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
قَالَ الإِمَامُ ابنُ اللَّبَّادِ رحمهُ اللهُ:
[ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ سِيرَتُكَ سِيرَةَ الصَّدْرِ الأَوَّل، فَاقْرَأِ السِّيرَةَ النَّبَوِيَّة، وَتَتَبَّعْ أَفْعَالَه، وَاقْتَفِ آثَارَه، وَتَشَبَّهْ بِهِ مَا أَمْكَنَك ].
وَقَالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمهُ الله:
[ مَدَارُ النَّصْرِ وَالظُّهُور في مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ ﷺ وُجُودًا وَعَدَمًا، مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُزَاحِمُ ذَلِكَ ].
فَتَأَمَّلُوا سِيرَةَ نَبِيِّكُمْ – عِبَادَ اللهِ – لِتَعْرِفُوا الإِسْلَامَ وَالْكُفْر، فَالإِسْلَامُ الْيَوْمَ غَرِيب، وجدوا واجْتَهِدُوا، وَصَابِرُوا، وَرَابِطُوا، وَتَمَسَّكُوا، فَالدِّينُ أَغْلَى مَا يُقَدَّمُ لَه، وَمَنْ أُصِيبَ في ذَلِك فَلْيَذْكُرْ غُرْبَةَ نَبِيِّهِ وَمَنْ كَانَ مَعَه، فَالإِسْلَامُ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا،
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}
أَقُولُ هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ.
.
.
.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْـحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُون، تِلْكُم إِشَارَةٌ عَنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمُبْتَدَإِ دَعْوَتِه، وَلَكِنْ مَتَى هَاجَرَ؟ وَلِمَاذَا؟
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِين مِنْ شَهْرِ صَفَر سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ النُّبُوَّة، أُذِنَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْهِجْرَة، فَخَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِين، وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْن الثَّانِي عَشَر مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّل دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّة.
وَأَمَّا تَأْرِيخُنَا أَهْلَ الْإِسْلَام، فَهُوَ مُبْتَدَأٌ بِالسَّنَةِ الَّتِي هَاجَرَ فِيهَا رَسُولُنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، وَأَمَّا لِمَاذَا جُعِلَ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمَ؟
فَهَذَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَة، وذلك لِأَنَّهُ شَهْرٌ حَرَام، يَلِي شَهْرَ ذِي الْحِجَّة الَّذِي فِيهِ الْحَجّ، وَبِهِ تَتِمُّ أَرْكَانُ الدِّين.
وَفِي الْمُحَرَّم كَانَتْ بَيْعَةُ الْأَنْصَار وَالْعَزْمُ عَلَى الْهِجْرَة، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَأْرِيخِهِ.
وَبِخُصُوصِ التَّأْرِيخ، لَابُدَّ لَنَا مِنْ وَقْفَة أَقُولُ فِيهَا مَا قَالَهُ الْفَارُوقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاه: [ إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْم، فَأَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَام، فَمَهْمَا نَطْلُبُ الْعِزَّ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ ].
وَفِي رِوَايَةٍ قال رضي الله عنه : [ إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَام، فَلَنْ نَبْتَغِيَ الْعِزَّ بِغَيْرِه ].
ثُمَّ لِيُعْلَمْ أَنَّ مِنْ عِزَّةِ الْأُمَّة تَمَسُّكَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا، وَتَأْثِيرُهَا فِيمَنْ يُجَاوِرُهَا.
وَمِمَّا يُمَيِّزُنَا هَذَا التَّأرِيخُ الَّذِي ابْتَدَأَهُ الصَّحَابَةُ مِنْ هِجْرَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، بَعْدَ أَنْ رَفَضُوا في مشاوراتهم التَّأْرِيخَ بِتَأْرِيخِ الْفُرْسِ وَالرُّومَانِ، وذلك أَنَّ الْفُرْسَ عُبَّادُ نِيرَان، وَالنَّصَارَى عُبَّادُ صُلْبَان، وَالْهِجْرَةُ فُرْقَان.
وَلكنْ لَمَّا ضَعُفَ الدِّينُ عِنْدَ أُمَّةِ الْإِسْلَام، غُزِيَتْ وَتَأَثَّرَتْ، فَأَحْيَا قَوْمٌ تَأْرِيخَ أَجْدَادِهِمُ الْفُرْسِ مِنْ بَنِي سَاسَان، وَتَأَثَّرَ أَكْثَرُ الْأُمَّةِ بِالرُّومَان.
أَيُّهَا النَّاس:
شهرُ السَّنَةِ الْهِجْرِيَّةِ هو شهرُ الْهِلَال، وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَنْهَا: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} يَعْنِي: هَذَا هُوَ الشَّرْعُ الْمُسْتَقِيمُ.
وَهَذِهِ الشُّهُورُ أيها الناس بُنِيَتْ عَلَى أَمْرٍ مُشاهدٍ مَحْسُوس، لَا كَشُهُورِ الْأُمَمِ الْأُخْرَى، شُهُورٌ وَهْمِيَّة غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ عَلَى مَشْرُوعٍ وَلَا مَعْقُولٍ وَلَا مَحْسُوس، بَلْ هِيَ شُهُورٌ اصْطِلَاحِيَّة مُخْتَلِفَةٌ فِي أَيَّامِهَا، لَا يُعْرَفُ لِذَلِكَ سَبَبَا، غَيْرَ أَنَّهَا تَنْطَلِقُ مِنْ دِين، فَهِيَ لَا تَمُتُّ إِلَى دِينِنَا بِصِلَة، بَلْ تُعَارِضُ الْإِسْلَام.
ففِيهَا مَا لَا يُعْرَفُ لَهُ مَعْنى، وَبَعْضُهَا أَسْمَاءُ آلِهَة، وَأُخْرَى أَسْمَاءُ مُلُوكٍ كَفَرَة.
سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللَّه فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ لِلْفُرْسِ أَيَّامًا وَشُهُورًا يُسَمُّونَهَا بِأَسْمَاءَ لَا تُعْرَف، فَكَرِهَ ذَلِكَ أَشَدَّ الْكَرَاهَة.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: «آذَرْمَاه».
فَانْتَبِهُوا يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، فَالْهِجْرَةُ فَرَّقَ اللَّهُ فِيهَا بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِه، وَجَعَلَهَا مَبْدَأً لِإِعْزَازِ دِينِهِ وَنَصْرِ عَبْدِهِ وَرَسُولِه.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي: لِمَاذَا كَانَتِ الْهِجْرَة؟ فَهَذَا أَهَمُّ دَرْسٍ مِنْ هِجْرَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام.
أَيُّهَا النَّاس، أيها المسلمون:
أَيُّ الْبِلَادِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِه؟ أَلَيْسَتْ مَكَّة؟ الْبَلْدَةُ الْمُحَرَّمَة، زَادَهَا اللَّهُ حُرْمَةً وَتَشْرِيفًا.
وَمَعَ هَذَا فَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَهُوَ فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ مِنْ عُمُرِهِ، يَتْرُكُهَا لِصَنَادِيدِ قُرَيْشٍ وَعُتَاتِهَا، كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ إِقَامَةِ الدِّينِ وَالتَّوْحِيدِ.
قَالَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: [ إِنَّ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا، إِنَّمَا يُقَدِّسُ الْمَرْءَ عَمَلُهُ ].
وَلِذَلِكَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى وُجُوبِ الْهِجْرَةِ مِنْ دِيَارِ الْكُفْر، إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ الدِّين، أَوْ يَتَعَرَّضَ لِلْفِتَن.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ، قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا، فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّه: [ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَامَّةً فِي كُلِّ مَنْ أَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُشْرِكِين وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْهِجْرَة وَلَيْسَ مُتمَكِّنًا مِنْ إِقَامَةِ الدِّينِ، قَالَ: فَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِه مُرْتَكِبٌ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ ].
وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ((أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِين، لَا تَتَرَاءَى نَارَهُمَا)).
وَالْهِجْرَةُ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة، وَلَنْ تَنْقَطِعَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.
كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ((وَأَعْظَمُ الْهِجْرَةِ هَجْرُ الْمَعَاصِي)).
فَعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاع: (( أَلَا أُخْبِرُكُمُ بِالْمُؤْمِنِ؟
مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ.
وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ.
وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ.
وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ )).
رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
الدعاء .....